عنوان هذا المقال مستلهم من الرواية الروسية الأشهر «الحرب والسلام» لمؤلفها المعروف ليو تولستوي والتي تصنّف كواحدة من أهم الروايات في تاريخ الأدب الإنساني وتتناول المآسي الناجمة عن الغزو الفرنسي بقيادة نابليون بونابارت على الأراضي الروسية. تذكرت ذلك وأنا أتابع إيقاف إطلاق النار «الفوري» الذي أعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بين إيران وإسرائيل بعد المواجهة العسكرية العنيفه بينهما. هكذا وفجأة حسم الأمر بأمر ساكن البيت الأبيض. وقد كان لافتاً جداً أن الإعلان جاء متخلياً عن أهداف تغيير النظام، والذي أعلنه ترمب بنفسه، ولا تم القضاء على البرنامج النووي، وهي مسألة مثار جدل كبير الآن داخل دوائر الكونغرس والمؤسسات الإعلامية التي تشكك في تصريح ترمب بأن الضربات العسكرية الأمريكية «تمكّنت من إنهاء البرنامج النووي»، وهم يستندون في ذلك على معلومات استخباراتية أولية.
المفهوم الآن أننا في مرحلة وقف إطلاق نار وليس بمرحلة سلام، ووقف إطلاق النار ممكن أن يتغيّر وتعود حالة الحرب كما كانت. لأن المسألة ببساطة غير عادلة، فمنذ انطلاقة البرنامج النووي الإسرائيلي في الخمسينات الميلادية من القرن الماضي والمنطقة تعج بمشاريع تسعى لمماثلة المشروع الإسرائيلي والحصول على قنبلة نووية، بدأت مصر نواة مشروعها وقضت عليه إسرائيل سريعاً باغتيال أبرز علماء المشروع، ثم سعى العراق لمشروع نووي طموح قصفته إسرائيل في عملية عسكرية مباغتة في الثمانينات الميلادية من القرن الماضي، تلا ذلك محاولة سورية بالاشتراك مع كوريا الشمالية في دير الزور قضت عليه إسرائيل بقصف صاروخي من الجو.
لم يتم الاعتراف لا إسرائيلياً ولا دولياً بوجود المفاعل النووي الإسرائيلي في ديمونا ولا سمح لوكالة الطاقة الذرية بإجراء الفحص التقني عليه كما هو متبع، بالرغم من التعامل معه كمسألة سرية إلا أنه أصبح أفضح الأسرار بما في ذلك على الصعيد الداخلي الإسرائيلي نفسه.
فضح البرنامج النووي الإسرائيلي أحد الموظفين التقنيين العاملين فيه وهو موردخاي فيعنونو والذي فنّد تفاصيله في مقابلة مدوية مع الصحيفة البريطانية «التايمز» في عام ١٩٨٦ وبعد ذلك خطفته عناصر المخابرات الإسرائيلية الموساد من أوروبا وحاكمته وأودعته السجن. عرف البرنامج النووي الإسرائيلي بخيار شمشون وهو مستوحى من القصة التوراتية الشهيرة التي يحطم فيها بطل القصة المعبد وهو يصيح صيحته الشهيرة «علي وعلى أعدائي»
الدول العربية نادت ولا تزال تطالب بجعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خاليه تماماً من أسلحة الدمار الشامل وعلى رأسها القنابل النووية.
إيقاف إطلاق النار هو حل مؤقت لمشكلة عويصة غابت عنها معيار العدالة ومقاييس الإنصاف، طالما استمر غض البصر عن مفاعل إسرائيل النووي ستكون هناك الذريعة والأسباب لدول المنطقة للسعي لمشاريع مشابهة ولكن هذا ليس غريباً على دولة ومنذ الإعلان عن قيامها وهي تتمدد وتعتدي على حدود الدول المجاورة لها وتعتدي على أراضيها وتحتلها بلا أي رادع ولا عقاب. دول المنطقة تأمل وترغب في العيش بسلام وليس في حالة وقف إطلاق نار، ولكن لن يتحقق السلام المنشود ما لم يكن مبنياً على العدالة.
أخبار ذات صلة